كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

ولا شك أن الأسباب معرفات إذ الممكنات مستندة إلى الله تعالى ابتداء عند أهل الحق (١)، وبين المعرف الذي هو السبب والحكم الذي نيط به ارتباطٌ ظاهر، فالإضافة إليه واضحة.
وأما عند من يجعل الوصف مؤثرًا بذاته، وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله: "أو غيره"، فلا خفاء عنده إذ الأثر مضاف إلى المؤثر قطعًا.
والشرط -لغة-: العلامة (٢)، ومنه: أشراط الساعة.
---------------
(١) ذهب الجمهور إلى أن السبب معرف للشئ وعلامة عليه، وذلك أن الشارع جعل وجود السبب علامة على وجود مسببه وهو الحكم، وجعل تخلفه وانتفاءه علامة على تخلف ذلك الحكم، فالشارع ربط الحكم، أي وجوده بوجوب السبب، وعدمه بعدمه، وقالت المعتزلة: إن السبب مؤثر في الأحكام بذاته بواسطة قوة أودعها الله فيه، وقال الغزالي، والجويني: إن الأسباب ترثر في الأحكام لا بذاتها، بل بجعل الله تعالى، وقال الآمدي: السبب باعث على الحكم، وقد ذكر الأسنوي أن الخلاف لفظى في هذه المسألة لاتفاق الكل على أن المؤثر هو الله وحده دون العلل والأسباب، وعلى أن العلل ليست باعثة، بمعنى أن الفاعل يتأثر بها وينفعل، وعلى أن الله تعالى حكم بوجود ذلك الأثر بذلك الأمر، وناظر هذا بذاك.
راجع: المستصفى: ١/ ٩٤، والإحكام للآمدي: ١/ ٩٨، والإبهاج: ١/ ٦٤، نهاية السول: ١/ ٨٩، والقواعد لابن اللحام: ص / ٩٤، ومختصر الطوفي: ص / ٣٢، والروضة ص / ٣٠، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٩٥، وتقريرات الشربيني: ١/ ٩٤، وإرشاد الفحول: ص / ٦.
(٢) كقوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: ١٨] أي: علاماتها اللازمة لكون الساعة آتية لا محالة، وتد ذكر الشوكان أن الذي بمعنى العلامة هو الشَّرَط بالتحريك، وجمعه =

الصفحة 268