كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
أقول: الصحة تكون في العبادات وفي المعاملات، فبعضهم يفرد كلًّا منهما عن الآخر بتعريف مستقل؛ لأن جمع الحقائق المختلفة في حد واحد لا يمكن، صرح به ابن الحاجب في تقسيم الاستثناء إلى المتصل والمنقطع (١)، ولمّا كان مخصوصًا بما إذا أريد تمييز الحقيقة عن الأخرى بالذاتيات لم يتحاش المصنف عن الجمع بين الصحة في العبادات والصحة في المعاملات لصدق هذا التعريف عليهما، وهو كون كل منهما موافقة ذي الوجهين [الشرع] (٢) [وقوله: ذي الوجهين] (٣) - بما وقع في كلام [بعض] (٤) الأصوليين، وتبعهم المصنف- واحترزوا بذلك عما لا يقع إلا على وجه واحد كمعرفة الله تعالى، ورد الوديعة؛ إذ المعرفة إذا لم تقع على الوجه الموافق للشرع تكون جهلًا.
والحق: أنه لا حاجة إلى هذه الزيادة؛ لأن المعرفة أيضًا إن لم تكن على الوجه الموافق للشرع تكون معرفة باطلة لانتفاء موجب صحتها، وهو مطابقة الواقع، ولا يضرنا كونه جهلًا إذ لا تنافي بين كونه جهلًا ومعرفة باطلة، يدل على ما قلنا ما ذكره عضد الملة والدين، والعلامة التفتازاني (٥) في كتابيهما:
---------------
(١) راجع: منتهى الوصول والأمل: ص/ ١٢١.
(٢) سقط من (ب).
(٣) ما بين المعكوفتين سقط من (ب).
(٤) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٥) هو مسعود بن عمر بن عبد الله سعد الدين التفتازاني العلامة الشافعي الحنفي، كان أصوليًّا، مفسرًا، متكلمًا، محدثًا، نحويًا، أديبًا، ولد بتفتازان من بلاد خراسان، ثم رحل =
الصفحة 271
508