كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

فالواجب المطلق: هو الذي لا يكون بالنظر إلى تلك المقدمة التي يتوقف عليها مُقيَّدًا، وإن كان مقيدًا بقيود أُخر، فإنه لا يخرجه عن الإطلاق: كقوله سبحانه وتعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] فإن وجوب الصلاة في هذا النص مقيد بالدلوك، وغر مقيد بالوضوء والاستقبال.
وقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] فإن السعى واجب مقيد نظرًا إلى النداء، مطلق نظرا إلى ما عداه من شروط الجمعة. إذا تقرر هذا، فنقول: قد اتفقوا على أن الواجب إذا كان مقيدًا -في نص الشارع- بمقدمة (١) لا تجب تلك المقدمة بوجوب ذلك الواجب، بل لو وجب ذلك القيد يكون وجوبه
---------------
(١) مقدمة الواجب قسمان: مقدمة الوجوب، وهي التي يتعلق بها التكليف بالواجب، أو يتوقف شغل الذمة عليها كالاستطاعة لوحوب الحج، وحَوَلان الحول لوجوب الزكاة، فهذه المقدمة ليست واجبة على المكلف باتفاق.
القسم الثاني: مقدمة الوجود، وهي التي يتوقف عليها وجود الواجب بشكل شرعي صحيح لتبرأ منه الذمة كالوضوء بالنسبة للصلاة، فلا توجد الصلاة الصحيحة إلا بوجود الوضوء، ولا تبرأ ذمة المكلف بالصلاة إلا به، وهذا هو الذي وفع فيه الخلاف كما ذكر الشارح.
راجع: اللمع: ص / ١٠، والمستصفي: ١/ ٧١، والإحكام للآمدي ١/ ٨٣، والمسودة: ص / ٦٠، وشرح تنقيح الفصول: ص / ١٦٠، ومختصر ابن الحاجب: ١/ ٢٤٤، وتقريرات الشربيني على المحلي: ١/ ١٩٢.

الصفحة 349