كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

إذ قال: "المكروه منهي عنه غير مكلف به" (١)، وإنما كان لائقًا؛ إذ المنهي عنه كيف يكون مأمورًا به؟ إذ المكروه يمدح تاركه، فلا يتصور الأمر به شرعًا.
وعبارة المصنف قاصرة عن [إفادة] (٢) هذا المرام؛ إذ عدم التناول يشعر بصلوح المحل له، لكن لم يقع في الخارج، وليس كذلك، بل عدم التناول لعدم قابلية المحل بعد تعلق الكراهية به.
قوله: "خلافًا للحنفية"، صريح في أن الحنفية قائلون: بأن الأمر يتناول المكروه. وهذا أمر لا يعقل (٣)؛ لأن المباح -عندهم- غير مأمور به، مع كون طرفيه على حد الجواز، فكيف يتصور أن يكون المكروه من جزئيات
---------------
(١) وهذا هو قول الجمهور من الشافعية وغالب الحنابلة والجرجاني من الحنفية؛ لأن مطلق الأمر بالصلاة -مثلًا- لا يتناول الصلاة المشتملة على السدل، ورفع البصر إلى السماء، والالتفات، ونحو ذلك من المكروهات، ولأن المكروه مطلوب الترك، والمأمور مطلوب الفعل، فيتنافيان.
راجع: المستصفى: ١/ ٧٩، والمسودة: ص / ٥١، والقواعد لابن اللحام: ص / ١٠٧، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ١٩٧، وتشنيف المسامع: ق (١٨ / أ)، والمختصر: ٢/ ٥.
(٢) سقط من (أ) وأثبت بهامشها.
(٣) قلت: نُقِل عن الأحناف قولان: فمذهب الجرجاني -منهم- أنه لا يتناوله كما تقدم.
وذهب الرازي -منهم- إلى أنه يتناوله، وهذا هو الذي نقله ابن السمعاني، وهو خبير بمذهب الأحناف، وحكي هذا القول عن بعض الحنابلة.
راجع: المسودة: ص / ٥١، والقواعد لابن اللحام: ص/ ١٠٧، وتشنيف المسامع: ق (١٨ / أ)، وشرح الكوكب المنير: ١/ ٤١٥.

الصفحة 357