كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

وأما تجويز الطواف بغير وضوء -وهو مكروه عندهم (١) - ليس لأن قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] تناوله (٢)، بل لأن الطهارة ليست شرطًا فيه بخلاف الصلاة (٣)، وكراهته؛ لأن العبد ينبغي أن يكون في تلك العبادة الشريفة بصفة الطهارة بين يدي الله سبحانه وتعالى.
قوله: "فلا تصح الصلاة في الأوقات المكروهة".
---------------
(١) ذهب مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه إلى أن الطهارة شرط في صحة الطواف، ولا يجزئ طواف بغير طهارة -عندهم- لا عمدًا، ولا سهوًا.
وقال أبو حنيفة: ليس بشيء من ذلك شرطًا، واختلف أصحابه، فقال بعضهم: هو واجب، وقال آخرون: هو سنة لأن الطواف ركن للحج، فلم تشترط له الطهارة كالوقوف بعرفة، ولكن تستحب له الإعادة، والأصح عند ابن الهمام الحنفي الوجوب.
وقال أبو ثور: إذا طاف على غير وضوء أجزأه طوافه إن كان لا يعلم وعليه دم، ولا يجزؤه إن كان يعلم، وهي رواية عن أحمد، وفي رواية عنه أن الطهارة ليست شرطًا، ومتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما كان بمكة، فإن خرج إلى بلده جبره بدم.
راجع: شرح فتح القدير: ٣/ ٤٩ - ٥٠، وبداية المجتهد: ١/ ٣٤٢ - ٣٤٣، ومغني المحتاج: ١/ ٤٨٥، والمغني لابن قدامة: ٣/ ٣٧٧.
(٢) قلت: بل تتناوله عند الأحناف، وهذا يؤكد ما سبق من أن الأمر يتناول المكروه عند فريق من الأحناف. قال العلامة ابن الهمام: "ولنا قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} من غير قيد الطهارة، فلم تكن فرضًا" شرح فتح القدير: ٣/ ٥٠.
(٣) لأنه بالنسبة للصلاة قد ورد الدليل على أن الطهارة شرط فيها لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة إلا بطهور" فهذا نفي للصلاة التي لا تشتمل على الطهارة. راجع: مجمع الزوائد: ١/ ٢٢٨.

الصفحة 360