كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

تفريع على القاعدة المذكورة، أي الأمر المطلق لما لم يتناول المكروه، وقد ورد النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة (١)، فالأمر بالنوافل لا يتناول ذلك الفعل المنهي، وهو إيقاع الصلاة إلى لا سبب لها يعتد به في الأوقات المذكورة سواء كان في تحريم أو نهي تنزيه وما ذكره في التحريم واضح.
وأما كراهة التنزيه لا تنافي الصحة؛ لكونها راجعة إلى الخارج.
والصحيح في المذهب عدم الصحة كما نقله (٢)، وأما دليلًا فلا يخلو عن نوع إشكال (٣).
---------------
(١) منها: حديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس".
ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس".
وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس"، وكذا حديث ابن عمر وغيره في الباب.
راجع: صحيح البخاري: ١/ ١٤٣ - ١٤٤، وصحيح مسلم: ٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) ذهب الشافعية والحنابلة، إلى أن الصلاة التي لا سبب لها يعتد بها في الأوقات المكروهة غير صحيحة للأحاديث السابقة، ولأن الوقت ملازم لها. وقالت الحنفية والمالكية: هي صحيحة لأن النهي على الوقت، وليس على ذات الصلاة.
راجع: أصول السرخسي: ١/ ٨٩، والمستصفى: ١/ ٨٠، والفروق للقرافي: ٢/ ٨٣، وكشف الأسرار: ١/ ٢٧٧، وبدائع الصنائع: ٥/ ٢٩٩، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٩، والمحلي ومعه البناني وتقريرات الشربيني: ١/ ١٩٨ - ٢٠١.
(٣) لأن النهي وارد على أمر آخر، وليس على أصل الصلاة إذ النهي ينصب على الوقت، وليس على ذات الصلاة.

الصفحة 361