كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
المتكلمين، وسقوط القضاء عند الفقهاء. فالصحة لا تستلزم الثواب، بل الأمر محتمل، وإنما المستلزم هو القبول.
ومن قال: يثاب عليها، إن قال: احتمالًا فهو ما ذكرنا، وإن قال: جزمًا فلا دليل له إلا تعدد الجهة، وذلك لا يستلزم الثواب، والقول بالسقوط مشكل جدًّا (١).
والذي قاله الإمام أحمد وجهه: أن ذلك الفعل لمّا كان معصية لا يصلح عبادة فلا تصح، وإذا لم تصح لم تسقط، وقد سبق الجواب عنه
---------------
= راجع: المستصفى: ١/ ٧٨، والمحصول: ١/ ق / ٢/ ٤٨٥، والإحكام: ١/ ٨٩، والفروق: ٢/ ١٨٣.
قلت: قد يقال: دعوى الإجماع إن أرادوا به عدم القضاء -عند القائلين بصحتها- فنعم، وهذا غير ملزم للمخالف.
وإن أرادوا بالإجماع -عند الجميع- فغير مسلّم؛ لأن الذين قالوا: إن الصلاة لا تصح يلزمونه بالإعادة، ولهذا قال إمام الحرمين: "قد كان في السلف متعمقون في التقوى يأمرون بقضائها، بل قال: فإن صح نهي مقصود عن الصلاة في الدار المغصوبة، فلا تصح كما لا تصح صلاة المحدث لما صح فيه عن الصلاة مع الحدث" فأنت ترى مما تقدم أن إمام الحرمين لم يسلم بالإجماع المذكور، وهو ما أكده ابن السمعاني وغيره.
راجع: البرهان: ١/ ٢٨٨، ٢٩٢، وتشنيف المسامع: ق (١٨ / ب).
(١) إذ كيف يكون الشيء مسقطًا للواجب، وفي نفس الوقت غير صحيح؟ فالمسقط لا بد أن يكون صحيحًا، وإلا لم يعتد به.