كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

وهو الإجماع على عدم الأمر بالقضاء، فإن قيل: كيف يتصور الإجماع مع مخالفة الإمام أحمد؟
قلنا: لا يمكن النزاع في الإجماع، فإنه واقع على عدم القضاء (١)، فإما سابق على قول الإمام، فلا يقبل قوله؛ إذ المجتهد لا يجوز له مخالفة الإجماع، أو متأخر عنه، رافع للخلاف، فتأمل!
قوله: "والخارج من المغصوب تائبًا".
أقول: ما ذكره من الفرع السابق كان فيما يمكن الانفكاك: كالصلاة، والغصب، وفَعَلَه المكلف باختياره، وأما ما ذكره هنا هو ما إذا توسط أرضًا مغصوبة، وقصد الخروج على قصد التوبة نادمًا على فعله من الغصب، فهذا الخروج هل يوصف بالوجوب، أم لا يوصف؟ والبحث عن فعل المكلف من حيث الوجوب والحرمة، وإن كان وظيفة الفقيه، ولكن نظر الأصولي إنما هو في أن مثل هذا الخروج المأمور به هل يصير منهيًّا عنه، أم لا؟
---------------
(١) يرى الإمام ابن قدامة أن من زعم أن في هذه المسألة إجماعًا، فقد غلط ويعتبر ذلك جهل بحقيقة الإجماع، فإن حقيقته الاتفاق من علماء أهل العصر. وعدم النقل عنهم ليس باتفاق، ولو نقل عنهم أنهم سكتوا، فيحتاج إلى أنه اشتهر فيما بينهم كلهم القول بنفي وجوب القضاء، فلم ينكروه، فيكون -حينئذ- فيه اختلاف هل هو إجماع، أو لا؟ .
راجع: روضة الناظر: ص / ٤٦.

الصفحة 367