كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
قوله: "والساقط على جريح".
أقول: هذه شبهة أبداها أبو هاشم المعتزلي، فاضطرب في الجواب عنها أقوال السلف، وهي أن من توسط (١) بين قوم جرحى وجثم على واحد منهم، فإن استمر قتله، وإن انتقل إلى غيره قتله، فكيف يكون أمره؟ !
قيل: يستمر لعدم فائدة في الانتقال إذ العلة متحدة في المحلين.
وقيل: مخير؛ لأن الأمر بالاستمرار لا يجدي نفعًا.
---------------
= قلت: وقد وجدت نصًّا للإمام الشافعي في هذه المسألة في كتاب الحج في باب لبس المحرم وطيبه جاهلًا، قوله: "وهكذا ما وجب عليه الخروج منه خرج منه كما يستطيع، ولو دخل دار رحل بغير إذن لم يكن جائزًا له، وكان عليه الخروج منها، ولم أزعم أنه يحرج بالخروج منها، وإن كان يمشي فيما لم يؤذن له فيه لأن مشيه للخروج من الذنب لا للزيادة فيه" الأم: ٢/ ١٣١ - ١٣٢، وهذا هو عين مذهب الجمهور في المسألة التي سبق ذكرها.
(١) الساقط سواء كان باختياره أو بغير اختياره كما ذكره المحلي، أما غيره من الشراح للكتاب فقد قيدوه بالاختيار، وهو ما صورها به الجويني لأنه قد تقدم الكلام على الإكراه والمكره، ولكن كلام الجلال له وجهة سليمة لأن الخلاف هنا ليس في الإكراه وعدمه، وإنما في استقراره في مكانه الذي وقع فيه، أو يتحول عنه كما ذكر الشارح.
راجع: البرهان: ١/ ٣٠٢، والمنخول: ص / ١٢٩ - ١٣٠، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٢٠٤، والدرر اللوامع لابن أبي شريف: ق (٥٦ / أ).