كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
ونقل عن إمام الحرمين: أنه لا حكم في المسألة، ونقل عنه أيضًا: أنه قال: حكم الله فيها أن لا حكم فيها (١).
وتوقف الإمام الغزالي (٢).
---------------
(١) قال إمام الحرمين: "وهذه مسألة لم أتحصل من قول الفقهاء فيها على ثبت، والوجه المقطوع بها سقوط التكليف عن صاحب الواقعة، مع استمرار حكم سخط الله -تعالى- وغضبه عليه، أما سقوط التكليف، فلأنه يستحيل تكليفه ما لا يطيقه، ووجه استمرار حكم العصيان عليه تسببه إلى ما لا مخلص له منه" البرهان: ١/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٢) الإمام الغزالي في ظاهر كلامه في المنخول والمستصفى عبارات مختلفة، فمثلا في المنخول قال -بعد ذكر المسألة-: "المختار أن لا حكم لله تعالى فيه، فلا يؤمر بمكث، ولا انتقال ... " ثم أبطل هذا الاختيار في آخر الكتاب نفسه، وقرر أنه لا يجوز في الشرع خلوّ واقعة عن حكم الله تعالى، واستشكل قول شيخه إمام الحرمين: "حكم الله أن لا حكم فيه، فهذا -أيضًا- حكم، وهو نفي الحكم" ثم قال: "هذا ما قاله الإمام رحمه الله فيه، ولم أفهمه بعد، وقد كررته عليه مرارًا". ثم ذكر بأن جَعْل نفي الحكم حكمًا تناقض.
ومما سبق يظهر التردد في كلامه، فتارة يتوقف كما هو في المستصفى، وتارة يختار، وتارة يبطل هذا الاختيار، وقد رجح المصنف والشارح أنه متوقف، وأما العبادي فيرى أن نقل الغزالي لاختيار الإمام دليل على أنه المختار عنده، قلت: وما اختاره المصنف والشارح هو الأرجح والمعتمد لأن المستصفى ألفه بعد المنخول، ثم إنَّ ما ورد في كتابه المنخول من الاختيار فهو محمول على أنه نقله على لسان شيخه، فإن المنخول: في الحقيقة تلخيص للبرهان، أو أنه كان اختاره تبعًا لشيخه بداية، ثم رجع عنه أخيرًا، وهذا ما صرح به في الكتاب نفسه كما تقدم.
راجع: المستصفى: ١/ ٣، ٨٩، والمنخول: ص / ١٢٩ - ١٣٠، ٤٨٧ - ٤٨٨، ٥٠٤، والمحلي على جمع الجوامع والبناني عليه: ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦، والآيات البينات: ١/ ٢٧٩.