كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
من فم (١) الصلح (٢) - متواترة قرئ بها في جميع الأمصار والأعصار من غير نكير في وقت من الأوقات، فثبت كونها قرآنًا؛ إذًا لا يتوقف -بعد التواتر- إلا مبتدع جاحد، ولو فرضنا أن ما وراء العشرة اتفق نقله متواترًا لم نقف في كونه قرآنًا قطعًا؛ إذ لا دليل في الشريعة يدل على حصر، ومن فهم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة (٣) أحرف (٤) "، أن المراد القراءات السبع المشهورة، فقد غلط في ذلك (٥).
---------------
(١) آخر الورقة (٢٥/ ب من ب).
(٢) يعني أن خلفًا المترجم له سابقًا من أهل فم الصلح، وهو نهر كبير فوق واسط كان عليه عدة قرى، وعند فمه كانت دار الحسن بن سهل.
راجع: مراصد الاطلاع: ٣/ ١٠٤٤، والتيسير في القراءات السبع: ص/ ٧.
(٣) هذا جزء من حديث عمر رواه البخاري، ومسلم، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وفيه قصة، وهو أن عمر سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرأها عمر، فتنازع عمر معه على ذلك، وأخذه، وجاء به شاكيًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره بذلك، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأ يا هشام، فقرأ عليه ما سمعه عمر منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذلك أنزلت، ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرأ عمر بما أقرأه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مخالفًا لقراءة هشام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه".
راجع: صحيح البخاري: ٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨، وصحيح مسلم: ٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣، ومسند أحمد: ٥/ ٣٨٥، وسنن أبي داود: ١/ ٣٣٩، وتحفة الأحوذي: ٨/ ٢٦٤، وسنن النسائي: ٢/ ١٥٠.
(٤) الحرف -لغة-: طرف الشيء، ووجهه، وحافته، وحده، وناحيته، والقطعة منه، واصطلاحًا: ما دل على معنًى في غيره.
راجع: المصباح المنير: ١/ ١٣٠ - ١٣١، والتعريفات للجرجاني: ص/ ٨٥.
(٥) قلت: إن كان مراد المصنف في رده حصر الحروف في القراءات السبع فله وجهة سليمة في ذلك، وإن يريد برده، وتغليطه أن القراءات السبع لم تكن من الحروف السبعة، =