كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

قال أبو الفتح: اعلم أن النون والتاء لم تكثر زيادتهما في الكلام كثرة زيادة الياء، والواو، والهمزة؛ فلذلك احتجتَ إلى أن تنظر إلى المثال الذي هما فيه، فإن كانتا فيه واقعتين موقع حرف من الأصل، قضيت1 بأنهما من الأصل، وإن لم تكونا واقعتين1 موقع حرف من الأصل، قضيت بزيادتهما.
ألا ترى أن النون في نهشل, والتاء في توءم، بإزاء الجيم في جعفر؟ فلهذا قضيت بأنهما من الأصل. والاشتقاق يدل على أن النون في "نهشل" والتاء في "توءم" أصلان, وذلك قولهم: "نَهْشَلَتِ المرأةُ" إذا أسنَّتْ، و"نهشلت: فعلَلَتْ"، فالنون في نهشل: فاء، بمنزلتها في نهشلتْ, وليس في كلامهم نَفْعَلَتْ.
وأما توءم، فيدل فيه على زيادة الواو وأن2 التاء أصل، قولهم في الجمع3: "تُؤَام, وتُؤَام: فُعَال"فالتاء فاء، والهمزة عين. وإنما كُتبت الهمزة في تؤام واوا لانضمام ما قبلها، وكذلك إن خففت فأبدلتها واوا خالصة، فليست هذه الواو هي4 التي كانت في توءم، إنما هي همزة مخففة كما تقول في تخفيف "جُؤَن: جُوَن".
وشيء آخر يدل على أن الواو في توءم هي الزائدة دون التاء، وهو أن فَرْعلا في الكلام أكثر من تَفْعل, ألا ترى أن باب "كوثر, وجوهر، وقوصرة، وحوقل, وكوكب" أكثر من باب "تَأْلَب"؟ فحمله على الأكثر هو القياس.
وشيء آخر يدل عليه أيضا، وهو قولهم: "أتأمت المرأة" إذا ولدت التوءم.
__________
1، 1 في الأصل: "بكونهما غير زائدتين وإن وإن لم تقعا" والمعنى واحد مع تكرار "وإن".
2 ظ، ش: "أن" بدون واو عطف، وبدونها يفسد المعنى.
3 في الجمع: ساقط من ظ، ش.
4 هي: ساقط من ظ، ش.

الصفحة 103