كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
ولم يجعلوه "مُفْعُولا"؛ لأنهم قد قالوا: خرجوا يَتَمَغْفَرون، فيتمغفرون عندهم يَتَفَعْلَلون، ولم يجعلوه يَتَمَفْعَلُون؛ لقلة تَمَفْعَلَ، وكثرة تَفَعْمَلَ.
ومن هنا أيضا كانت الميم في "مَعدّ" أصلا؛ لقولهم: تمعدد، وتمعدد: تفعل، ولم يحمل على تَمَفْعَلَ، على أن قوما قد جعلوا مُغْفُورا مُفْعُولا كمُعْلُوق، وإنما هذا لقلة1 المعرفة بهذا الشاذ2, والقياس ما أنبأتك به أولا. قال أبو علي: إنما قلنا: "مُعْلوقا" مُفْعُول؛ لأنهم قد قالوا في معناه: مِعْلاق، فمعلاق مِفْعَال ليس غير.
قال: وأما مُغْرود فحمله على فُعْلول أولى؛ لأن فُعْلولا أكثر من مُفْعول.
وقالوا: تَمَنْدَلَ بالمنديل، وهو تَمَفْعَلَ، والجيدة: تَنَدَّلَ.
وقالوا: قَلْنسته وهي3 فَعْنلته، وقالوا: قَلْسيته وهي4 القياس.
وقالوا: تَأْبلت القِدْرَ بالهمز, والهمزة زائدة؛ لأنها بدل من ألف تابَلْت الزائدة.
وحُكي عنهم: "مَرْحَبَكَ الله ومَسْهَلَك، وكان يُسَمَّى محمدا تم تَمَسْلم" أي: صار يسمى مُسْلِما، وهذا كله شاذ.
وقد قال بعضهم: إن "مَذْحِج" جماعة قبائل شتى مَذْحَجَتْ أي: اجتمعت. فإن كان هذا ثبتا في اللغة فلا بد من أن تكون الميم زائدة، وتكون الكلمة مَفْعَلَتْ؛ لأنهم قالوا: "مَذْحِج"، فإن جعلت الميم أصلا كان وزن
__________
1 ظ: هذه القلة, وش: هذه لقلة.
2 ظ، ش: الشأن.
3، 4 ظ، ش: وهو، في الموضعين.
الصفحة 108
464