كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

الكلمة فَعْلِلًا, وهذا خطأ؛ لأنه ليس في الكلام اسم مثل جَعْفِر، فثبت أنه مَفْعِل مثل مَنْبِج.
ولهذا لم يصرف "نرجِس" اسم رجل؛ لأنه ليس في الأصول مثل جَعْفِر، وقضي أن النون زائدة مثلها في نَضْرِب.
وجاء في الحديث: "فإذا سحابة تَرَهْيَأُ" فهذا تَفَعْيَلُ، والياء فيه زائدة؛ لأنها من موضع الواو من تَرَهْوَكَ، وكأن "ترهيأ مطاوع رهيأته فترهيأ".
وقد قالوا: تشيْطن الرجل وتشيَّط بمعنى واحد، فينبغي أن يكونا لغتين، ولا يجوز أن تجعل تشيطن تفعْلن؛ لأنه ليس في الكلام تَفَعْلَنَ، وتشيطن أقوى من تشيط؛ لقولهم: شاطن وشَطْن، وأرض شَطُون، وهذا كله من البُعْد، والشيطان مبعد مقصى1, ومن هنا1 قيل: لعنه الله، أي: أبعده الله2 وأقصاه.
وفسروا بيت الشماخ:
ذعرت به القَطَا ونفيت عنه ... مقام الذئب كالرجل اللعين
أي: البعيد. فمن هنا قيل له: شيطان؛ لأن الله قد أبعده. فلهذا كان الوجه في شيطان أن يكون فَيْعَالا بمنزلة الغَيْدَاق والقَيَّام, ومن أخذه من تشيّط جعله "فَعْلان". ووجه الاشتقاق فيه من تشيط، أنهم قد قالوا: غضب فاستشاط أي: احتدّ والْتهَبَ في الغضب وتشيط بمعناه. وهذا المعنى موجود في الشيطان؛ لأن الالتهاب في الغضب مشبه بالجنون والتخبط، قال الله تبارك3
__________
1، 1 ظ، ش: ولهذا.
2 الله: زيادة من ظ، ش.
3 تبارك: ساقط من ظ، ش.

الصفحة 109