كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
مصدرا فأُلزم النصب1 نحو: "سبحانَ الله، ولبَّيك، ومعاذَ الله"2, فإذا كان الأمر كذلك3 بَطَلَ أن يكون "إياك" مشتقا أو متصرفا.
وكذلك الألف في "غاقِ" لصوت الغراب، و"جاهِ" لزجر البعير، و"حاءِ، وماءِ" في صوت الشاء4، هي فيهن غير منقلبة؛ لأن هذه كلها بمنزلة الحروف.
فإن قلت: فقد قالوا: إن وزن "ذَا" من الفعل "فَعْل", وإنه محذوف اللام وهو مع ذلك مبني لمشابهته الحروف، وألفه منقلبة عن العين الساكنة, فما5 الفصل بينه وبين "متى"؟
قيل: إنما جاز ذلك فيه لمشابهته الأسماء المتمكنة، ألا تراه يُوصَف ويُوصَف به، ويثنى ويحقر، ويدخله كثير من أحكام الأسماء6 المتمكنة؛ فلذلك جاز أن يمثل من الفعل.
قال أبو علي: أصل بنائه فَعْل كأنه "ذَيّ", ثم حذفت اللام لضرب من التخفيف؛ لأنه من مضاعف الياء، وكأنه بقي "ذي" فقلبت ياؤه ألفا, فصار "ذا". قلت له: ما الدليل على أن عينه من الياء، ولِمَ لا يكون من باب: "طويت, وشويت"؛ لأنه أكثر من باب "حييت، وعييت"؟
فقال: لأن سيبويه حكى فيه الإمالة، فهذا7 يدل على أنه من الياء، قال: ولم يقل فيه: "ذي" لئلا يشبه "كي" فألحق بمتى.
__________
1 فألزم النصب: ساقط من ظ، ش.
2 معاذ الله: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش: على ذلك.
4 ظ، ش: الصوت للشاة.
5 ظ، ش: وما.
6 الأسماء: ساقطة من ظ، ش، وكانت كذلك في ص واستدركت في هامشها.
7 ظ، ش: فذا.