كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

إمالة "لِا"؛ لأنها على ثلاثة أحرف، فهي بالمتمكنة أشبه؛ ولهذا كتبوها بالياء.
فإن قلت: فقد قالوا: "حتي" فكتبوها بالياء, وإن لم تكن1 ممالة؟
قيل: إنما كُتبت بالياء1؛ لأن ألفها وقعت رابعة. وهذا من المواضع التي تغلب عليها الياء.
ولم يكتبوا "إذا" بالياء2 وإن كانت اسما لمّا لم تكن الإمالة تحسن فيها, ولو كتبوا "كلَّا" بالياء2 قياسا على "حتّي" لكان وجها. وكَتْبهم3 إياها أيضا بالألف صواب4؛ لأنه لا موجب للإمالة فيها.
وكذلك أيضا لو كتبت "حتى" بالألف قياسا على "كلا" لكان صوابا, ولكل علة قائمة. وأحسبني رأيت "حتى" بالألف بخط أبي العباس.
وأما5 إمالتهم "للكِنْ" فلأجل كسرة الكاف, فأشبه ذلك إمالة "عابد، وحاتم". وإن كان ليس مثله في كل موضع فقد يشبه الشيءُ الشيءَ من وجه ولا يشبهه من وجوه. فإن أُعطي بعض أحكامه فللشبه الذي بينهما, وإن مُنِعَهُ فلما فاته من تكامل الشبه. فتأمل هذا الموضع, فإنه مُسهَّل6 عليك كثيرا مما تستقر به في اللغة العربية, فإن أكثر من يتسكع فيها إنما يلحقه ذلك لجهله بهذا الموضع.
وقد كان أبو علي يقول في قول الراجز:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا
نوشا به تقطع أجواز الفَلا
__________
1، 1 ساقط من ظ، ش، وسقوطه أفسد المعنى.
2، 2 ساقط من ظ، ش، وسقوطه أفسد المعنى.
3 ظ، ش: فكتبهم.
4 صواب: ساقط من ظ، ش.
5 ظ، ش: فأما.
6 ظ، ش: يسهل.

الصفحة 124