كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

وهكذا كان يفعل سيبويه إذا تحجّر شيئا من اللغة وخرج عنه1 الحرف أو الحرفان لم يستثن بما خرج عن الجمهور لقلته, لا لأنه لم يقع إليه. ألا تراه قال: إن مثال2 "فَيْعُل" لم يأت في الكلام, وقد قال الأعشى:
وما أَيْبُلِيّ على هيكل ... بناه وصلب فيه وصارا
فقوله: "أيبلي" هو فَيْعُلِيّ. قال أبو علي: واشتقاقه من أَبَلَ3 بالمكان: إذا أقام به, وأبلت الإبل بالرطب عن الماء أي: أقامت عليه واجتزأت به عن الماء, فكأن هذا الراهب اجتزأ بما في هيكله وأقام عليه, ولم يتعده إلى غيره.
قال: وإنما لم يذكر سيبويه هذا الحرف لشذوذه وخروجه عن الجمهور, فكذلك أبو عثمان لم يذكر "مَرْمَرِيسًا"؛ لأنه لا نظير له. على أنه أيضا4 لم يقل: إن الفاء لم تضعف.
قال أبو علي: وقد يأتي مع ياءي5 الإضافة من الأمثلة ما لا يأتي مع غيرهما. ألا ترى أنهم قالوا في الإضافة إلى تحية: تَحَوِيّ؟ قال6: فتحوي وزنه7: تَفَلِيّ. وهذا مثال لا يقع إلا مع ياءي الإضافة من الأمثلة8.
قال: وكذلك تاء التأنيث, ألا ترى أنه لولا تاء التأنيث لم يأت مثل "عَرْقُوَة وقَمَحْدُوَة9 وتَرْقُوَة" مصححا, فقد يجيء مع تاء التأنيث وياءي الإضافة
__________
1 ظ، ش: منه.
2 ظ، ش: مثل.
3 ظ: أبق، وهو خطأ.
4 أيضا: زيادة من ظ، ش.
5 ظ: ياء، مفردة لا مثناة.
6 ظ، ش: يقول.
7 وزنه: ساقط من ظ، ش.
8 من الأمثلة: ساقط من ظ، ش.
9 وقمحدوة: ساقط من ظ، ش.

الصفحة 163