كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم:
قال أبو عثمان: وكان أبو الحسن الأخفش يجيز أن تبني على ما بنت العرب، وعلى أي مثال سألته، إذا قلت له1: ابن لي من كذا2 مثل كذا، وإن لم يكن من أمثلة العرب، ويقول: إنما سألتني أن أُمثل لك، فمسألتك ليست3 بخطأ, وتمثيلي عليها صواب.
وكان الخليل وسيبويه يأبيان ذلك ويقولان: ما قيس على4 كلام العرب فهو من كلامهم، وما لم يكن في كلام العرب، فليس له معنى في كلامهم، فكيف تجعل مثالا من كلام قوم ليس له في أمثلتهم معنى؟
وهذا هو القياس. ألا ترى أنك إذا سمعت "قام زيد" أجزت أنت "ظرف خالد، وحمق بشر", وكان ما قسته5 عربيا كالذي قسته عليه؛ لأنك لم تسمع من العرب أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ومفعول، وإنما سمعتَ بعضا فجعلتَهُ أصلا وقستَ عليه ما لم تسمع. فهذا أثبت وأقيس، إن شاء الله6.
قال أبو الفتح: القول في هذا الخلاف ما ذهب إليه سيبويه. قال أبو علي: ويلزم أبا الحسن أن يبني مثل7 "فِعُل" من "ضَرَبَ: ضِرُب". قال: وهذا أفحش من بنائه مثل كابُل؛ لأنه أجاز بناء الأعجميات فيلزمه هذا أيضا.
قال: والقياس ألا يجوز إلا أن تبني على أمثلة العرب؛ لأن في بنائك
__________
1 له: ساقط من ظ، ش.
2 من كذا: ساقط من ظ، ش.
3 ص: ليس.
4 ص: من.
5 "ما قسته" عن ص وهامش ظ، وفي ظ، ش: قياسه.
6 إن شاء الله: ساقط من ظ، ش.
7 مثل: ساقط من ظ، ش.