كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

فدل ذلك على أن أصل "استقام: استقْوَمَ". وقال1 الشاعر:
صددتِ فأطولْتِ الصدود وقلما ... وصال على طول الصدود يدوم
فقوله: "أطولت" يدل على أن أصل "أخاف: أخْوَفَ", وقد قالوا: "وأطال"2.
وقالوا: "أحوجت زيدا إلى كذا وكذا، وأغيَلَت المرأة" وغير ذلك.
فهذه الأشياء الشاذة إنما خرجت كالتنبيه على أصول3 ما غُيِّر، وأنه3 لولا ما لحقه من العلل العارضة، لكان سبيله أن يجيء على غير هذه الهيئة المستعملة.
وقوله: وجعلوا سائر المضارع تابعا لـ "يفعِل", فحذفوه4 لئلا يختلف المضارع في البناء.
حملهم الشيء على حكم نظيره:
يقول: حذفوه في قولهم "أَعِد، ونعد، وتعد" وإن لم تكن هناك ياء؛ لأنهم لو قالوا: "أنا أوعد، وهو يعد" لاختلف المضارع، فكان يكون مرة بواو وأخرى بلا واو, فحُمل ما لا علة فيه على ما فيه علة.
فهذا5 مذهب مطرد في كلامهم ولغاتهم, فاشٍ في محاوراتهم ومخاطباتهم أن يحملوا الشيء على حكم نظيره؛ لقرب ما بينهما، وإن لم يكن في أحدهما ما في الآخر مما أوجب له الحكم.
__________
1 ظ، ش: قال.
2 ص: طال.
3، 3 ظ: "ما غيروا أنه".
4 ظ، ش: فحذفوا.
5 ظ، ش: وهذا.

الصفحة 191