كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

ومثل "يعد" قولهم: "أنا أُكرِم", فحذفوا الهمزة التي كانت في "أكرم"؛ لئلا يلتقي همزتان؛ لأنه كان يلزم: "أنا أؤكرم", فحذفوا الثانية كراهة1 اجتماع همزتين.
ثم2 قالوا: "نكرم2، وتكرم، ويكرم" فحذفوا الهمزة، وإن كانوا لو جاءوا بها لما اجتمع3 همزتان, ولكنهم أرادوا المماثلة، وكرهوا أن يختلف المضارع فيكون مرة بهمزة وأخرى بغير همزة، محافظة على التجنيس في كلامهم. وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة الأصلية المفردة4 في نحو: "خُذْ، وكُلْ" فهم بأن يحذفوا الزائدة إذا كانت معها أخرى زائدة أجدر, وقد جاء في كلامهم5 مثل: "يُؤَفْعَل" أنشدوا:
فإنه أهل لأن يؤكرما
فجاء به على الأصل ضرورة. وقالت ليلى الأخيلية تصف قطا6:
تدلت على حص ظماء كأنها ... كرات غلام في كساء مُؤَرْنَب
أي: متخذ من جلود الأرانب, فقولها: "مؤرنب" على حد قوله: "يؤرنَب", ومثاله: "مؤفعَل"7 وهو كـ "يؤكرَم".
فأما قول الآخر:
وصاليات ككما يُؤثفَيْن
__________
1 ظ، ش: كراهية.
2، 2 ظ، ش: "قالوا: إنا نكرم".
3 ظ، ش: اجتمعت.
4 ظ، ش: المنفردة.
5، 5 ساقط من ظ، ش.
6 ص: القطاة.
7 ظ، ش: يؤفعل.

الصفحة 192