كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

قد لفها الليل بسواق حُطَم
ولا يوجد في الكلام: فِعُل -بكسر الفاء وضم العين- وإنما لم يجئ ذلك كراهية خروجهم من الكسر إلى الضم بناء لازما، وإذا كانوا قد قالوا: اقتُلْ فضموا الهمزة لضمة1 التاء ولم يكسروها على ما كان يجب فيها مع أن بين الهمزة والتاء حاجزا وهو القاف، فألا يخرجوا من كسر إلى ضم بلا حاجز أجدر، فأما قولهم: هو يَضْرِبك. وخروجهم من كسرة الراء إلى ضمة الباء فليس يكسر ما قدمناه؛ لأن هذه الضمة ليست بلازمة، ألا ترى أن النصب والجزم يزيلانها، وإنما يكره من ذلك أن تكون الحركة لازمة، وليس في الكلام اسم على فُعِل -بضم الفاء وكسر العين- إنما هذا بناء يختص به الفعل المبني للمفعول نحو: ضُرِب وقُتِل إلا في اسم واحد وهو دُئِل, وهي2 دُوَيْبَّة وبها سُميت قبيلة أبي الأسود الدؤلي وإنما فُتحت الهمزة في النسب لتوالي الكسرتين مع ياءي الإضافة، فهربوا إلى الفتح، كما قالوا في شَقِرة شَقَريّ، وفي الصَّعِق صَعَقيّ. قال الشاعر3:
جاءوا بجيش لو قيس معرسه ... ما كان إلا كمعرس الدُّئِل
فهذه الأسماء. وأما الأفعال الثلاثية التي لا زيادة فيها, فعلى ضربين: فِعْل مبني للفاعل، وفعل مبني للمفعول. فالمبني للفاعل على ثلاثة أضرب: "فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ".
فمثال فَعَل يكون متعديا وغير متعد؛ فالمتعدي نحو: "ضرب وقتل", وغير المتعدي نحو "جلس ونهض".
وفَعِلَ يكون متعديا وغير متعد، فالمتعدي نحو "شرب وركب"، وغير المتعدي نحو "سلم وقدم".
__________
1 ظ، ش: لضم.
2 ظ، ش: وهو.
3 بهامش ظ أمامه, وقال يصف قلة الجيش: جاءوا، صح.

الصفحة 20