كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

ومثله قول الشاعر:
ضربت صدرها إليَّ وقالت ... يا عديا1 لقد وَقَتْك الأواقي
فالأواقي2 جمع "واقية", وأصلها: "وواق"3 فهُمزت الأولى، ولو سميت رجلا "بأوعد، وأوزن" هذين لصرفته في المعرفة؛ لأنه "فَوْعَل" بمنزلة" كوثر".
إن كانت ثانية الواوين في أول الكلمة مدة, جاز همز الأولى وعدم همزها:
قال أبو عثمان:
فإن كانت الواو الثانية مدة, كنت في الأولى بالخيار: إن شئتَ همزتَ الأولى, وإن شئت لم تهمز. نحو: "فُوعِل" من "وَعَدَ" تقول: "وُوعِدَ", ومثله قوله تعالى: {وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} 4 وإن شئت همزت، وليس الهمز من أجل اجتماع الواوين في أول الكلمة. لو كان كذلك لم يجز إلا الهمز, ولكن لضمة الواو يجوز الهمز. ومثل ذلك قوله جل ثناؤه5: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} 6، والأصل عندنا7: "وقتت"؛ لأنها "فُعِّلت" من الوقت, ولكنها أُلزمت الهمز لانضمامها، ولو كانت في غير القرآن لكان ترك الهمز جائزا.
قال أبو الفتح: معنى قوله: إن كانت الثانية مدة, يعني أن تكون ساكنة قبلها ضمة, وتكون مع ذلك منقلبة عن ألف أو بمنزلة المنقلبة عن ألف8.
__________
1 ظ، ش: يا عدي.
2 ظ، ش: والأواقي.
3 وأصلها وواق: ساقط من ظ، ش.
4 من الآية 20 من الأعراف 7.
5 ظ، ش: تعالى. وهامش ظ: عز وجل.
6 الآية 11 من المرسلات 77.
7 عندنا: ساقط من ش.
8 ظ، ش: الألف.

الصفحة 218