كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
وهذا كله أرداف، ومعنى أرداف أن الصوت يمتد بها قبل حرف الروي؛ لأنهم لما كان من عادتهم أن يترنموا في أواخر الأبيات بامتداد الصوت, جاءوا بالألف والياء والواو أيضا قبل حرف الروي؛ ليمتد بها الصوت كما وصلوا بالألف والياء والواو بعد حرف الروي في نحو قوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلي
وقوله:
سُقيتِ الغيث أيتها الخيامو
وقوله:
أقلِّي اللوم عاذل والعتابا
وأصل الردف للألف1، والياء والواو مشبهتان بها.
يدلك2 على ذلك أن الألف لا تخرج من المد, والواو والياء تخرجان من المد بأن تتحركا، أو تكون قبل كل واحدة منهما حركة من غير جنسها.
وهذا باب يطول وسأستقصيه3 في شرح كتاب القوافي عن أبي الحسن, إن شاء الله.
فلهذا وغيره4 ما قال أبو عثمان: إن الياء والواو ليستا كسائر الحروف.
وقوله: والحركات مستثقلة فيهما5, إنما استُثقلت الحركات فيهما؛ لأنهما مشبهان للألف والألف لا تتحرك6 أبدا، فلما أشبهتا ما لا يتحرك أبدا وجازت
__________
1 ظ، ش: الألف.
2 ظ، ش: يدل.
3 ظ، ش: وسأقتصه.
4 ظ، ش: ولغيره.
5 ظ: فيها.
6 ظ، ش: تحرك.