كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
فلما حُذفت العين نُقلت حركتها إلى الفاء. ويدل على أن أصل "بعت: فعلت" قولهم في المضارع: "يَبِيع" و"يبِيع: يفْعِل" و"يفعِل" إنما بابه "فعَل" نحو: "ضرب يضرب".
ولو كان "بِعْت: فَعِلت" في الأصل كـ "هِبت لقالوا في مضارعه: يباع" كما قالوا: "يهاب". وسألت أبا علي وقت القراءة, فقلت له: ما تنكر أن يكون1 "بعت أبيع: فعلت أفعل" بمنزلة "حسِب يحسِب" في2 الصحيح؟
فقال: جميع ما جاء من "فعِل يفعِل" قد جاء فيه الأمران "يفعِل، ويفعَل" نحو "حسِب يحسِب ويحسَب، ويبس ييبس وييبس3, ونعم ينعم وينعم, وبئس يبئس ويبأس"3. قال: فاقتصارهم بمضارع "بعت على أبيع" دلالة على أن أصله "فعَل" دون "فعِل".
يريد أنه لو كان "بعت: فَعِلت", لجاز في مضارعه "يبِيع, ويبَاع" جميعا كما جاء يحسِب "ويحسَب", فمن هنا ثبت أنه "فعل" لا غير.
وفي قول أبي علي: إن جميع باب" فَعِل" يأتي مضارعه على "يفعَل ويفعِل" جميعا4؛ شيء، وذلك أنه قد جاء مضارع "فعِل" في بعض اللغة على "يفعِل" ليس غير، وذلك "ومق يمق، ووثق يثق، وورم يرم" ونحو ذلك مما لزم مضارعه "يفعِل" وحدها، وقد عرفت العلة في أن لزمت هذه الأفعال "يفعِل" في المضارع فيما مضى، فيجوز أن يكون أبو علي استثنى بهذا في نفسه, لما كان معروف الموضع واضح العلة، ولو قال جوابا عما سألته عنه: إن "فعِل يفعِل" لا يقاس عليه؛ لأنه ليس الباب, لكان أسلم من الاعتراض
__________
1 يكون: ساقط من ظ، ش.
2 "يحسب في" غير مقروء في ص.
3، 3 ساقط من ظ، ش.
4 جميعا: ساقط من ظ، ش.