كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
قادهم إليه، والصواب في ذلك ألا تكون هذه الهاءات مزيدة وهو المذهب الذي عليه أكثر أهل العلم، وإن كان في "هِجْرَع وهِبْلَع وهِرْكَوْلَة" من معنى ما لا هاء فيه، ولكن على أن يكون لفظه قريبا من لفظه، ومعناه كمعناه.
ولهذا الذي ذهبت إليه نظائر في كلام العرب1, من ذلك قولهم للمكان اللين: "دَمِث"، وقالوا: "دِمَثْر" أيضا, وقالوا للطويل المنبسط: "سَبِط" وقالوا فيه أيضا: "سِبَطْر"، فسبط ودمث لفظهما قريب من لفظ سبطر ودمثر ومعناهما واحد1, ولا يمكن أحد أن يقول: إن الراء من حروف الزيادة.
ومثل ذلك قولهم: "ثَعْلَب وثُعَالة، فثعلب رباعي وثعالة" ثلاثي والمعنى فيهما واحد، وسآتي على أكثر من هذا في مواضعه2, فكذلك3 يجوز أيضا أن تحمل "هجرعا وهبلعا وهركولة" على أنها من معنى "الجرع والبلع والركل"4 وقريبة من لفظه هربا من أن تجعل الهاء زائدة في أول الكلمة، وليس موضع زيادتها أول الكلمة, إنما موضعها أن تقع آخِرا، فهذا ما يحتمله القياس عندي5، والقول الأول له وجه أيضا، ألا ترى أنهم حكموا بزيادة الهاء في أمهات، وإن كانت في حشو الكلمة إلا أن الهاء في أمهات تلي الطرف, فهي من6 موضع الزيادة أقرب.
__________
1 و1 في ظ، ش: من ذلك قولهم للمكان اللين: دمث، وقالوا فيه أيضا للطويل اللين: دمث، وقالوا أيضا فيه: دمثر ومعناهما واحد, وهو كلام مضطرب ولذلك أهملناه.
2 ص: موضعه.
3 ظ، ش: وكذلك.
4 في ظ: بين كلمتي "والركل"، "قريبة" الجرع: المكان الطويل السهل.
5 عندي: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: في.
الصفحة 26
464