كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

عليه الكَلِم المتمكنة1: حرف يُبتدَأ به وحرف يُحشَى به وحرف2 يُوقَف عليه. ويدلك على تمكنها أنهم يصرفون منها ما كان معرفة مؤنثا إذا سكن وسطه نحو: هنْد وجمْل. فصرفهم إياه مع أن فيه علتين ثقيلتين وهما التعريف والتأنيث دلالة على خفته، ألا ترى أن الخفة فيه عادلت أحد السببين, فانصرف الاسم؛ فلذلك كثرت أمثلة الثلاثي.
ومن هنا أيضا صارت ذوات الثلاثة أحق بالزيادة؛ لأن الزيادة في الكلمة ضرب من تصريفها، ولست أعني بالتصريف ها هنا التنقل في الأزمنة نحو: ضرب ويضرب3 وسيضرب، وإنما أريد تنقل أحوال الكلمة وتعاور4 الزيادة إياها.
ألا ترى أنهم إنما5 حكموا بزيادة النون في "سِنْدَأو، وقندأو، وحنطأو، وكنتأو"؛ لأنهم لما رأوا الواو زائدة فيها6؛ لأنها لا تكون أصلا في ذوات الخمسة, قضوا بزيادة النون، قالوا: لتكون الكلمة ثلاثية؛ لأن الزيادة بذوات الثلاثة أشبه, فلخفة ذوات الثلاثة ما كثر تصرفها واعتورتها الزيادات.
ولما كانت ذوات الأربعة وسيطة بين الثلاثة والخمسة، لم تمنع الفعل أصلا، بل جاء فيها؛ لأنها -وإن كانت فوق الثلاثة- فهي7 دون الخمسة.
فمن هنا جاء فيها8 دحرج ونحوه؛ ولذلك لم يُزَدْ على فَعْلَلَ وفُعْلِلَ،
__________
1 المتمكنة: ساقط من ظ، ش.
2 وحرف: ساقطة من ظ.
3 ظ، ش: يضرب.
4 ظ، ش: لتعاور.
5 إنما: ساقط من ظ، ش.
6 فيها: ساقط من ظ، ش.
7 ظ، ش: فهو.
8 ظ: فيهما.

الصفحة 32