كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

والقول1 عندي في ذلك أن الذي أدخل الهاء في "بهماة" اعتقد في الألف أنها ليست للتأنيث، فإما أن يكون جعلها بمنزلة ألف قَبَعْثَرى زائدة لغير إلحاق ولا تأنيث، وإما أن يكون جعلها ملحقة للكلمة ببناء جُخْدَب على مذهب الأخفش.
فإن قلت: فإنه يلزم على هذا أن تنون "بُهْمَى" بعد حذف الهاء أو قبل دخولها على قول من أدخل الهاء عليها؟ قيل: قد يجوز أن يكون الذي أدخل الهاء عليها فخالف الجمهور إذا حذفها، وافق الجميع على أن تكون للتأنيث، فيخالف إذا ألحق2 الهاء، ويوافق إذا حذفها، أو يكون الذي قال: "بهماة" بناها في أول أحوالها على التأنيث كما قالوا: "عَرْقُوَة وقَمَحْدُوة والنهاية ومِذْرَوَان وثِنايان" فبنوا هذه الأشياء في أول أحوالها على التأنيث والتثنية، فكذلك بهماة تكون مبنية على التأنيث لا مذكر لها.
وحكى أبو الحسن "شُكاعاة"، وحكى أبو زيد أنهم يقولون: "قَصْباءَة، وحلفاءة، وطرفاة" بالهاء والهمزة، وهذا من النادر الغريب، وحدثني أبو علي أن أبا الحسن حكى عنهم "أديم مَرْطِيّ" وليس في كثرة مَأْرُوط، فينبغي أن يكون أرطى على هذا القول أَفْعَلا وتُنَوَّن؛ لأنها نكرة بمنزلة "أفْكَل وأيْدَع" وتكون أرطاة على هذا أفْعَلَة مثل أرملة وإن لم تكن وصفا، وحكى بعضهم: أديم مُؤَرْطى، فهذا يحتمل عندي أمرين، أجودهما أن يكون مُفْعَلى بمنزلة مسلقى ومجعبى. ويحتمل أيضا أن يكون مُؤَفْعلا بمنزلة قول الراجز:
فإنه أهل لأن يؤكرما
__________
1 ظ، ش: فالقول.
2 ظ، ش: أدخل.

الصفحة 37