كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
عليه: يريد به الأسماء والأفعال جميعا لا أحد القبيلين، وإنما لم يطرد عنده؛ لأنه لم يكثر كثرة ما يكون إلحاقه بتكرير لامه نحو مَهْدَدٍ وجَلْبَبَ، فلما لم يكثر كثرته لم يقسه وسلم ما سمع منه, وهذا الذي عملوه هو القياس عندي؛ لأنك إذا أردت أن تلحق شيئا بشيء أكثر حروفا منه, فلا بد من زيادة تبلغه ذلك الغرض المطلوب.
وينبغي أن تكون الزيادة عند انقضاء حروف1 الكلمة الأصول، ولا تجيء بالزوائد2 قبل أن نستوفي ما له3 من الأصول؛ لأنه كان يكون حكمك لو فعلت ذلك, حُكم من له دراهم فاحتاج إلى إنفاقها فتركها بحالها لم يعرض لها, وذهب يَدَّان غيرها فينفقه. فلما فني ما ادَّانه عاد على4 ماله بالنفقة، فهذا ليس في حزامة من بدأ بإنفاق ماله. فلما فني ونفد دعته الضرورة إلى أن يدّان ويسأل الناس فهو حينئذ أعذر من الأول.
وإنما مثلت هذا لينكشف القياس، ولم أتعد في هذا التمثيل ما جرت به عادة النحويين, ألا ترى أنهم يقولون: إن الإمالة إنما دخلت الكلام ليتجانس الصوتان. قالوا: ولو قلنا: عالم فلم نُمِل، لكان النطق بكسرة اللام بعد إشباع الفتحة بالألف كالنزول في حُدور من موضع عالٍ، فأملنا فتحة العين لتصير الألف بين الياء والألف، فتقرب بذلك من كسرة اللام, فيكون ذلك كالنزول من موضع غير مفرط العلو، وهذا أخف من الانكسار بعد إشباع الفتحة.
فإن قلت: فهلّا قاسوا الإلحاق في مثل سلقى وجعبى؛ لأن الزيادة بعد
__________
1 ظ، ش: الحروف بأل, وهو خطأ ظاهر.
2 ظ، ش: بالزائد.
3 ص، ظ: لك.
4 ظ، ش: إلى.
الصفحة 42
464