كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
انقضاء الحروف الأصلية؟ فالجواب في ذلك أنهم إنما أرادوا أن يبلغوا بالثلاثة الأربعة، والأربعة كلها أصول، فلما لم يكن بد من الزيادة، كرروا الأصل فقالوا: جلبب، فكان تكرير الأصل إذا أريد الإلحاق بالأصل أشبه.
ألا ترى أن جَلْبَبْتُ بوزن دَحْرَجْتُ, والجيم من الأصل، فكرروا الباء في جلببت؛ لأنها وإن كانت زيادة، فإنها تكرير أصلي والأصل أشبه بالأصل وإن كان مكررا، والياء في سلقيت -مع أنها زائدة- ليست من أصل1 القاف في شيء، فهذا الذي عندي في هذا.
ومعنى قوله: إن باب "مهدد وجلبب" مطرد، وباب "كوثر وجهور" غير مطرد, يريد: أنك لو احتجت في شعر أو سجع أن تشتق2 من ضَرَبَ اسما أو فعلا أو غير ذلك, لجاز3 وكنت تقول: ضَرْبَبَ زيد عمرا وأنت تريد ضَرَبَ3, وكنت تقول: هذا ضرببٌ قد4 أقبل, إذا جعلته اسما، وكذلك ما5 أشبه هذا ولم يكن يجوز لك5 أن تقول: ضَوْرَبَ زيد عمرا، ولا: هذا رجلٌ ضوربٌ؛ لأن هذا الإلحاق لم يطرد اطراد الأول, فلا تقسه6.
وسألت أبا علي عن هذا الموضع في وقت القراءة بالشام والعراق جميعا، وأنا أثبت ما تحصّل من قوله فيه, فقال7: لو اضطر شاعر الآن، لجاز أن
__________
1 ظ، ش: لفظ.
2 ظ، ش: تشق.
3 و3 ساقط من ظ، ش.
4 قد: ساقط من ظ، ش.
5 و5 ظ، ش: أشبهه ولم يجز له.
6 ظ، ش: نقيسه.
7 ظ، ش: قال.
الصفحة 43
464