كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
سُئلتَ عن مثاله جعلتَ في جوابك زائدا بإزاء الزائد, يريد: أنك إذا مثّلته إما للرياضة وإما لتبيين الأصل من1 الزائد؛ لزمك أن تنطق بالزائد في المثال ليمتاز الأصل من غيره.
وقوله: وجعلت البناء كالبناء الذي سئلت عنه, يريد به الآن: الصيغة ونظم الحروف في التقديم والتأخير والحركة والسكون، ولهذا2 قلت في "كَوْثَر: إنه فَوْعَل, وفي صَيْرَف: إنه فَيْعَل, وفي جَهْوَر: إنه فَعْوَل".
قال أبو عثمان3: فإن قيل لك: ابن3 من ضرب مثل جَدْوَل؟ قلت: ضَرْوَب, ومثل كَوْثَر: ضَوْرَب, ومثل جَيْئَل: ضَيْرَب، وإن كان فعلًا فكذلك.
قال أبو الفتح: اعلم أنه ليس يريد أنك تقيس في الإلحاق على "جدول وكوثر وجيئل" قياسًا مطردًا؛ لأنه قد ذكر بديئًا أنه غير مطرد في بابه، وإنما يريد أنك لو مثلته من الضرب لقلت: "ضَوْرَبٌ وضَرْوَبٌ وضَيْرَبٌ"، كما أنك لو مثلته من الفعل لقلت: "فَوْعَلٌ وفَعْوَلٌ وفَيْعَلٌ"، فكأنه قال لك: ما مثال "كوثر وجدول وجيئل" من الضرب، كما يقول لك: ما مثال هذه الأشياء من الفعل.
وقوله: وإن كان فعلًا فكذلك, يريد به: أنك لو مثلت "حوقل وجهْور وبيطر" من ضرب، لقلت: "ضَوْرَبَ وضَرْوَبَ وضَيْرَبَ" كما فعلت في الاسم؛ لأن التمثيل في القبيلين واحد.
__________
1 من: ساقط من ظ؛ لضيق المكان.
2 ظ، ش: فلهذا.
3، 3 ظ، ش: فإذا قيل لك: ابن لي.
الصفحة 46
464