كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

قال أبو الفتح: اعلم أن مصادر بنات الثلاثة إنما احتملت أن تبلغ سبعة أحرف لما أذكره لك، وذلك أنها أقل الأصول وأعدلها. فاحتملت كثرة الزيادات لتصرفها وتمكنها، وأيضا فإن الهمزة في أوائلها قد تسقط في الوصل, فكأنها إنما بلغت لذلك ستة أحرف. وإذا جاز أن يُبْلَغ بالفعل على ثقله ستة أحرف, فالمصدر الذي هو اسم جدير لخفته وتمكنه أن يزاد عليه حرف واحد. وأيضا فإن الزوائد وإن أطالت الكلمة, فعلى كل حال هي زوائد، والتقدير فيها الانفصال والانفكاك من الكلمة، وقد يحذف كثير منها في التحقير والتكسير, ولا سيما تحقير الترخيم، فكانت لذلك بمنزلة المنفصل من الكلمة, فاحتمل كثرتها في بنات الثلاثة لما ذكرت لك.
ثم حُملتْ بنات الأربعة على بنات الثلاثة؛ لأنه قد جاء الفعل رباعيا كما جاء ثلاثيا, فلذلك بلغ بمصادر الرباعية سبعة أحرف، ولما كان جميع ما بلغ السبعة إنما هو مصادر ولم يكن لبنات الخمسة فعل لم يبلغ سبعة أحرف, على أنهم قد بلغوا السبعة بغير المصادر, قالوا: "مَتْيُوساء, ومَبْغُولاء، ومعيوراء، ومأتوناء, ومشيوخاء، ومكبوراء، ومصغوراء، ومعلوجاء، ومشيوحاء, وهَزَنْبَران، وعُرَيْقُصَان، ومَعْكُوكاء، وبَعْكُوكاء, وقَرَعْبَلانة, وعُقْرُبان".
وهذا مما لا يُعَرَّج عليه لقلته ونزارته؛ ولذلك لم يذكره أبوعثمان وجميعه1 في آخره2 زائدان زيدا معا2 فجرتا لذلك مجرى الزائد الواحد, ألا ترى أنهما يحذفان في الترخيم جميعا كما تحذف الهاء من طلحة, والألف من حبلى.
__________
1 ظ، ش: جمعه.
2، 2 في ظ، ش: زائدتان معا.

الصفحة 50