كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
آخرها غير هذا الحرف، وما لا حكم له لقلته, وقد قالوا: "ضَبَغْطَرى". فأما قولهم: "قَرَعْبَلانة" فكأن الذي شجعهم على إلحاق الألف والنون في آخرها وهي خماسية, أن الألف والنون في أنحاء كثيرة من كلامهم في تقدير الانفصال عندهم، حتى إنهم يُسقطون كثيرا من أحكامهما. ألا ترى أنهم يصغرون "زَعْفَرَانا زُعَيْفِرانا" كما يقولون: "عَقْرَب وعُقَيْرِب" ولو اعتدوا بالألف والنون لم يجز هذا.
وقد أجروا الألف والنون الزائدتين أيضا مجرى الزيادة الواحدة، ألا تراهم1 قالوا في ترخيم "عثمان: يا عُثْمَ" كما قالوا في ترخيم "طلحة: يا طَلْحَ" فلما كانت الألف والنون عندهم في كثير من المواضع بمنزلة المنفصل من الكلمة، وبمنزلة الحرف الواحد المنفصل من الكلمة، اجترءوا على زيادتهما في آخر ذوات الخمسة في هذا الحرف الذي لا نظير له، وكذلك ما جاء نحو "مَعْيُورَاء" وبابه؛ لأنهم أجروا الألف والهمزة مجرى الحرف الواحد لما لم يفترقا, فأشبها الهاء.
وإنما قلت: الزوائد في آخر ذوات الخمسة عندي؛ لأنها قد طالت وأفرط طولها فلا ينتهى إلى آخرها إلا وقد مُلَّتْ. ألا ترى أنهم يقولون في تحقير "سفرجل وتكسيره2: سفيرج وسفارج" فيقفون دون الخامس لتراخيه وبعده، فلما كان الأمر كذلك لم يزيدوها طولا من آخرها.
ألا ترى أن باب "عندليب، وعضرفوط" مما كانت الزيادة فيه قبل لامه الآخرة3 أكثر من باب "قبعثرى، وضبغطرى" وكانت الزيادة في باب4 "عندليب وعضرفوط" قبل الخامس أسوغ منها في قبعثرى"
__________
1 ظ، ش: ترى أنهم.
2 وتكسيره: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش: الأخيرة.
4 باب: زيادة من ظ، ش.
الصفحة 52
464