كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

بعد استيفاء حروف الكلمة والملال بطولها، فهذا ما أدى إليه النظر والله الموفق، ولم يكن سبيله أن يذكر حندقوقا مع بنات الخمسة؛ لأنه من ذوات الأربعة، وكذا قرأته على أبي علي ورأيته في غير نسخة.
"الأفعال المبدوءة بهمزة وصل":
قال أبو عثمان: واعلم أن الأفعال قد تسكن أوائلها ويلحقونها ألف الوصل، ولتلك الأفعال أبنية كثيرة سأخبرك عنها إن شاء الله.
قال أبو الفتح: اعلم أن ألف الوصل همزة تلحق في أول الكلمة؛ توصلا إلى النطق بالساكن, وهربا من الابتداء به, إذ كان ذلك غير ممكن في الطاقة فضلا عن القياس.
وليس لقول من جوّز الابتداء بالساكن من القدر ما يُتشاغل بإفساده، وإنما سبيله في هذا1 سبيل من شك في المشاهدات من السوفسطية2 ومن ليس بكامل العقل.
وهذه الهمزة إنما حركت لسكونها وسكون ما بعدها، وهي في الأصل زائدة3 ساكنة.
فإن قيل: أنت هربت من سكون النون في "انفعل", فكيف زدت عليها ساكنا آخر وهو الهمزة؟ قيل: هذه الهمزة وإن كانت ساكنة, فإنها إنما جيء بها قبل الساكن؛ لأنه4 قد عُلم أنه إذا اجتمعت معه فلا بد من حذف أحدهما أو حركته, فالحركة والحذف لم يصلح واحد منهما في الحرف الساكن من الفعل لئلا تزول بنيته التي قد أريدت له من سكون أوله، فلم يبق إلا حذف الهمزة أو
__________
1 في هذا: ساقط من ظ، ش.
2 في ظ أمام السوفسطية كلمات لم نتبينها.
3 زائدة: زيادة من ظ، ش.
4 ظ وش: لأنها.

الصفحة 53