كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
ما بين الأسماء والأفعال من تقارب:
فإن قلت: فإن الأسماء أيضا لا تتقارّ على حالة واحدة، وقد يدخلها الحذف والتحقير والتكسير والترخيم والنسب، وهذا كله مما يغير فيه الاسم عما1 كان عليه؟
قيل: إن الأسماء وإن كانت كما ذكرت، فهي -لقوتها وتمكنها, وأنها الأول وهي مستغنية عن الأفعال- أثبت من الأفعال، وهي في الصحة أقعد، والاعتلال منها أبعد، إلا أنه لما كان في الأسماء ما ذكرته من الحذف والتحقير والتكسير ونحوها، كان2 بين الأسماء والأفعال تناسب وتقارب، ألا ترى أن الفعل ثانٍ للاسم، وهو وإن كان أضعف منه، فإنه أقوى من الحرف، وقد يكون الاسم خبرا كما يكون الفعل خبرا نحو قولك: "زيد أبوك" و"زيد قام"3 وكل واحد منهما يلحقه الاشتقاق والتصريف.
الأسماء العشرة المبدوءة بهمزة الوصل:
فلما كان بين الاسم والفعل هذا التقارب، ولحق الاسم ذلك الاعتلال، اجترءوا على أسماء محصورة فأسكنوا أوائلها وألحقوها همزة الوصل، ولم يستنكر ذلك فيها مع ما ذكرنا4، كما لم تستنكر إضافة أسماء الزمان إلى الأفعال نحو قوله تعالى: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ} 5 و {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ} 6, ونحو قول الشاعر:
__________
1 ظ، ش: مما.
2 هنا في النسخ الثلاث قبل "كان" واو عطف أفسدت المعنى, فهي زائدة من الناسخ خطأ.
3 ظ، ش: قائم, وهو خطأ.
4 ظ، ش: ذكرناه.
5 سورة النبأ من الآية 40.
6 سورة الكهف صدر الآية 52.
الصفحة 57
464