كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما تصح والشيب وازع
وكما وصفوا بالفعل في قولهم: "مررت برجل يأكل", والإضافة والوصف إنما أصلهما للأسماء.
وتلك الأسماء: "ابن وابنة وامرؤ وامرأة واثنان واثنتان واسم واست وايم، وقالوا: ابْنُم" يعنون الابن.
قال الشاعر:
وهل لي أم غيرها إن تركتها ... أبى الله إلا أن أكون لها ابنما
وقال الآخر:
فقال فريق القوم لما نشدتهم ... نعم وفريق لا يمن الله ما اندري
وهذه الأسماء كلها معتلة، أما ابن وابنة وابنم واثنان واثنتان واسم وايم واست, فمحذوفات اللامات1 يدل على ذلك2 أن "ابنا" من البنوة واللام فيه واو؛ لأن مؤنثه بنت، والتاء إنما تبدل من الواو دون الياء في غالب الأمر، وكذلك "ابنة وابنم" مثله والميم زائدة وليست بدلا من لام الفعل على حد ما كانت الميم في "فم" بدلا من عين الفعل؛ لأنها لو كانت بدلا، لجرت مجرى اللام. فكانت اللام من أجل ذلك كأنها ثابتة؛ لأن الشيء إذا أبدل منه لم3 يحذف وإنما جيء بشيء فوضع موضعه فجرى مجراه.
ولو كانت الميم في "ابنم" بدلا من اللام، لكانت اللام في حكم الثابت، وبطل جواز دخول همزة الوصل في أول "ابنم"؛ لأن هذه الهمزة تعاقب اللام ولا تدخل من الأسماء إلا على المحذوفات ما خلا "امرأ" وسنذكره, ألا ترى أنك
__________
1 ظ، ش: اللام.
2 ذلك: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش: فلم، والفاء زائدة لا حاجة إليها وبدونها يستقيم الكلام. ويلاحظ أن الفاء كانت في نسخة ص ثم محيث وبقي بعضها.
الصفحة 58
464