كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

تقول في النسب إلى ابن: ابْنِيّ، فتقر الهمزة ما دامت اللام محذوفة، فإن رددت اللام حذفت الهمزة؛ لأنها لا تجتمع مع اللام، وذلك قولهم: "بنوِيّ" واثنان واثنتان من ثنيت الشيء، فالمحذوف1 اللام وهي ياء لظهورها في ثَنَيْتُ, فأما من قال: "بِنْت وثِنْتان" فليست اللام عنده محذوفة، على حد قول من قال: "ابنة واثنتان", بل التاء في بنت وثنتان للإلحاق بمثل "حِلْس وضِرْس" والتاء فيهما بدل من لام الفعل وليست علامة للتأنيث كما تكون في "ابنة2 واثنتان" لكون ما قبلها3 في "بنت وثنتان" وعلامة التأنيث لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، وقال سيبويه: لو سميت رجلا "ببنت وأخت لصرفته"، ولو كانت التاء علامة للتأنيث لما استجازوا4 صرفه، كما أنه لو سماه بثُبَة لما صرفه, قال سيبويه: لأنها بمنزلة التاء في عفريت, وسَنْبَتَة، ولكن هذه الصيغة والبدل لما لم يقع إلا في المؤنث، جرى مجرى علامة التأنيث، وقد بينت هذا في موضع آخر.
والقول في "أخت وهَنْت" كالقول في "بنت" لا فصل بينهما5, ومن ذهب إلى أن المحذوف من بنت "ياء" لانكسار الباء، وجب عليه أن يقول: إن المحذوف من "عِضَة" ياء، ولكان يجب أن تكون السين من سَنَة مضمومة؛ لأنه من الواو، وهذا تخليط فاحش، وقد حكي عن بعض متقدمي أهل العلم. أفلم ير إلى قول الراجز:
هذا طريق يأزم المآزما ... وعِضَوَات تقطع اللهازما
__________
1 ظ، ش: والمحذوف.
2 ظ، ش: ابنتان.
3 ظ، ش: قبلهما.
4 ظ، ش: استجاز.
5 بينهما: ساقط من ظ، ش.

الصفحة 59