كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

وقولهم: "مذ"؛ لأنها محذوفة من منذ، جاء في الحديث: "العينان وكاء السَّهِ". قال الراجز1:
ادع أحيحا باسمها لا تنسه ... إن أحيحا هي صئبان السه
وأنشد أبو زيد:
رقاب كالمواجن خاظيات ... وأستاه على الأكوار كوم
2فأما قولهم: "امرؤ وامرأة" فإنما أسكنوا أولهما وإن كانا تامين غير محذوفين؛ لأنك أدخلت الألف واللام فقلت: "المرء والمرأة" ثم خففت الهمزة بأن حذفتها وألقيت حركتها على الراء فقلت: "جاءني المَرُ، ورأيت المَرَ, ومررت بالمَرِ2".
فلما كانت الراء التي هي عين الفعل قد تحرك بحركة الإعراب وكثرت هذه الكلمة في كلامهم حتى صارت عبارة عن كل ذكر وأنثى من الناس أعلوها؛ لكثرة استعمالهم إياها، فشبهوا الراء3 في قولهم4: "المَرُ، والمَرَ، والمَرِ، بالخاء في الأخِ والأخُ والأخَ" فأتبعوا عينها حركة لامها فقالوا: هذا5 "امرُؤٌ، ورأيت امرَأً، ومررت بامرِئٍ" كما قالوا: "هذا أخوك، ورأيت أخاك، ومررت بأخيك".وألفه6 وألف ابنم مكسورة على كل حال؛ لأن الضمة فيه عارضة للرفع غير لازمة، وليس كذلك "اقتُلْ" فلما اعتل هذا الاسم بإتباع
__________
1 ص: الآخر.
2 و2 ما بينهما عن ص. وهو في ظ، ش كما يأتي:
فأما قولهم: امرؤ وامرأة فإنما أسكنوا أولهما وإن كانا تامين غير محذوفين؛ لأنك إذا أدخلت الألف واللام قلت: المرء والمرأة, ثم خففت الهمزة حذفتها أو ألقيت حركتها على الراء فقلت: جاءني المر, ورأيت المر, ومررت بالمر.
3 ظ: الياء، وهو خطأ.
4 قولهم: زيادة عن ظ، ش.
5 ظ: هذه، وهو خطأ.
6 ظ، ش: فألفه.

الصفحة 62