كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

حركة عينه حركة لامه وكثر استعماله أسكنوا1 أوله وألحقوه همزة الوصل، وليس كذلك "ابْنُم"؛ لأنه لم يكثر كثرة امرئ، ولأنه لا همزة يُذهبها التخفيف فيه، فلامه محذوفة لا محالة. قال أبو العباس: ولم يلحقوها في "أب"، ولا2 "أخ"؛ لأن في أولهما3 همزة, فكرهوا اجتماع همزتين فتنقلب الثانية ياء، وهذا قولٌ كما تراه؛ لأنا قد رأيناهم قالوا: "دَمٌ, وغد، ويد، وهَنٌ" ونحو ذلك, فلم يلحقوه همزة الوصل مع أنه ليس في أوله همزة.
ولكن القول عندي في ذلك: أن همزة الوصل قد عاقبت الأصل في قولهم: "ابْنِيّ وبَنَوِيّ" فكأنها4 من الأصل، فمن ألحقها في هذه المحذوفات, فأشبهها بالفعل من قبل الاعتلال، ومن لم يلحقها فله أن يقول: إنها لو جاءت لكانت كالعوض من المحذوف فكأني عند إتياني بها أردت الحذف ثم أتيت بما يقوم مقام المحذوف فكأن لم أحذف، وهذا نقض ما قصدت له من الحذف. ألا ترى أنهم قالوا في النسب إلى يد: يَدَوِيّ؟ فتركوا عين الفعل محركة بعد الرد؛ لأنهم لو حذفوا الحركة عند رد اللام لكانت اللام كأنها لم ترد؛ لأنها قد عاقبت الحركة، فإذا حذفت الحركة بعد الرد كنت لحذفك5 إياها كمن لم يرد, وصار ردك كلا رد. وهذا قول أبي علي فيما أخذته عنه وهو يشهد بصحة ما ذهب6 إليه سيبويه في تبقية الحركة التي حدثت بعد الحذف إذا رد إلى الكلمة ما حُذف منها، وأبو الحسن يذهب إلى حذف ما وجب بالحذف عند
__________
1 ظ، ش: "وأسكنوا" بواو عطف أفسدت المعنى, فهي زائدة من الناسخ خطأ.
2 لا: زيادة من ظ، ش.
3 ظ، ش: أولها.
4 ظ، ش: وكأنها.
5 ظ، ش: بحذفك.
6 ظ، ش: يذهب.

الصفحة 63