كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

رد المحذوف، فيقول في النسب إلى يد: "يَدْيِيّ" وفي غد: "غَدْوِيّ" والقول قول سيبويه، ألا ترى أن الشاعر لما رد الحرف المحذوف بقّى الحركة التي أحدثها الحذف بحالها قبل الرد1 في قوله:
يَدَيانِ بيضاوان عند محلم ... قد يمنعانك أن تضام وتضهدا
فتحريكه2 الدال بعد رد الياء دلالة على صحة ما ذهب إليه سيبويه من تبقية الحركة بعد الرد. قال أبو علي:
فإن قيل: فما تصنع بقول الراجز:
لا تقلواها وادلواها دلوا ... إن مع اليوم أخاه غدوا
ويقول الآخر:
وما الناس إلا كالديار وأهلها ... بها يوم حلوها وغَدْوا بلاقع؟
ألا ترى أنه قد3 رد اللام في غد, وحذف حركة العين؟ فهذا يشهد بصحة قول الأخفش: فالجواب: أن الذي قال: "غدوا" ليس من لغته أن يقول: "غد" فيحذف، بل الذي يقول: "غد" غير الذي يقول4: "غدوا". وإنما شرحت لك5 أحكام هذه الأسماء؛ لأن أبا عثمان لم يذكرها في الكتاب، فأردت أن أبينها لما اتصلت بهذا الموضع.
"إسكان أوائل الأسماء وإدخال همزة الوصل عليها":
ثم نرجع فنقول: إن هذه الأسماء لما أشبهت الأفعال بهذا الحذف6 والتغيير, أُسكنت أوائلها ودخلتها همزة الوصل.
__________
1 قبل الرد: ساقط من ظ، ش.
2 ظ، ش: فتحريك.
3 زادت ظ، ش في هذا الموضع بعد قد، ما يأتي: "ذهب إلى".
4 ظ، ش: قال.
5 لك: زيادة من ظ، ش.
6 ظ: الحرف، وهو خطأ.

الصفحة 64