كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
دخول همزة الوصل على مصادر الأفعال التي في أوائلها همزة الوصل:
فأما إخادلهم الهمزة في مصادر الأفعال التي في أوائلها همزة الوصل نحو: "انطلق انطلاقا، واستخرج استخراجا" فإنه مطرد فيها؛ لأنها ثابتة في الأفعال، فجاءت في المصادر، وهذا نظير قولهم: "لذت لياذا" فأعلوا المصدر لاعتلال لذت. ويقولون: "لاوذت لِوَاذا" فيصححون1 المصدر لصحة الفعل، وهذا لا يدل على أن المصدر مشتق من الفعل وإن كان في الاعتلال محمولا عليه؛ لأنهم قد أعلوا "يقوم" لاعتلال "قام" وليس أحد يقول: إن "يقوم" مشتق من "قام" ولكن -لما كانت هذه الأمثلة كالشيء الواحد، ويقع بعضها موقع بعض فيغني غناءه ويسد مسده ووجب في بعضها اعتلال- أجروه على الجميع2؛ لئلا يختلف الباب.
قال أبو علي: ألا ترى أنهم لما حذفوا الهمزة من "يُكرم" أثبتوها في "إكرام", فكان ذلك كالعوض من حذفها؛ لأنها إذا ثبتت في بعض هذه الأمثلة كانت لذلك كالثابتة في الباقي.
دخول همزة الوصل على الحروف:
فهذا وجه دخول همزة الوصل في الأفعال والأسماء. فأما الحروف فلم تدخل هذه الهمزة3 في شيء منها إلا في حرف واحد وهو لام التعريف, ولكنها فتحت للفرق بينها وبين هذه الداخلة على الأفعال والأسماء.
وقد ذهب بعضهم إلى أن الألف واللام جميعا للتعريف بمنزلة "قد" في الأفعال, ولكن هذه الهمزة لما كثرت في الكلام وعرف موضعها -والهمزة مستثقلة-
__________
1 ظ، ش: فيصحون.
2 ظ، ش: الجمع.
3 بدل "هذه الهمزة" في ش: "همزة الوصل".
الصفحة 65
464