كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

قال أبو الفتح: اعلم أن افْتَعَلْتُ قد تأتي في معنى انْفَعَلْتُ للمطاوعة وذلك قولهم: "شويته فانشوى" وقالوا في معناه: "اشتوى", وقالوا: "غممته فاغتم وانغم" وتأتي بمعنى تفاعل نحو: "اجتور القوم" أي: تجاوروا، واعتونوا، أي: تعاونوا. وتأتي بمعنى فعلتُ نحو1: قرأت وتقرأت2 واقترأت، وقروت الأرض واقتريتها, وتكون "افتعلتُ" متعدية وغير متعدية. فأما المتعدي فنحو "اقتطعت الأرض واكتسبت المال" وغير المتعدي نحو قولهم: "اصطلح القوم، واختصموا"، ولا يكون انفعل متعديا أبدا.
حكم بناء انفعل وافتعل:
قال أبو على: حكم افتعل، وانفعل ألا يبنيا إلا مما كان فَعَلَ منه متعديا, هذا في الأمر العام. يريد أن اقتطع من قطع وكذلك "حويت، واحتويت"، وقد جاء في الشعر، قال الراجز:
حتى إذا اشتال سهيل في السحر
كشعلة القابس ترمي بالشرر
فهذا من شال يشول، وهو غير متعد بدلالة قول الراجز:
تراه تحت الفنن الوريق
يشول بالمحجن كالمحروق
ولو كان متعديا لقال: "يشول المحجن", وأنشدنا أبو علي قال: أنشد أبو عبيدة:
__________
1 نحو: زيادة من ظ، ش.
2 تقرأت: زيادة من ظ، ش.

الصفحة 75