كتاب المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

بدا منك غش طالما قد كتمته ... كما اكتتمت داء1 ابنها أم مُدَّوِي2
فمُدَّوٍ مُفْتَعِل، وأصله3 من الدَّوّ، والأصل3: مُدْتَوٍ، وهذا يفسر في موضعه، فأجاز أبو علي في مفتعل هذا4 ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون من قول المرأة التي قال لها ابنها: "أأدَّوِي" أي: أآكل الدواية، وهو ما خثُر من الدسم على اللبن، فقالت5 مجيبة: اللجام بمكان كذا وكذا، فكتمت قول ابنها وأخفته عمن جاء يخطبه إليها، وكأن الشاعر جاء بهذا على استعارة هذا المَثَل الذي للمرأة، وخبر هذه المرأة مشهور عندهم.
وأجاز أيضًا أن يكون "مُدَّوٍ" هذا مما حكاه أبو زيد من قولهم: "أَدْوَأْتَ يا فلان" ومن قولهم: "داء الرجل يداء من الداء"، فبنى مفتعلًا منه للحاجة إلى القافية وقلب الهمزة ياء ضرورة كما قال الآخر:
وكنت أذل من وتد بقاع ... يشجج رأسه بالفهرواج
وهو من وَجَأْتُ، وكان قياسه ألا يجعلها كياء "قاضي".
وأجاز فيه أيضًا أن يكون مما حكاه أبو زيد من قولهم: "رجل دَوًى, ورجلان دَوَيَانِ، ورجال أدْواء" وهو بمعنى السقيم.
قال أبو علي: ويكون بناؤه مفتعلًا منه، مثل قوله: "اشتال ومنغوي"6، وقوله: ولا تلحق التاء ثانية والتي قبلها من نفس الحرف إلا هذا المثال وحده من7 الأفعال، قد قيد به جزءا من كلامهم وأمِنتَ معه أن ترى التاء ثانية زائدة بعد فاء الفعل أبدا إلا في هذا المثال وما تصرف منه.
__________
1 ظ: جاء.
2 ظ، ش: مدو.
3، 3 زيادة من ظ، ش.
4 ظ: وهذا.
5 ظ: فقال, وهو خطأ.
6 ظ، ش: منغو.
7 ظ، ش: في.

الصفحة 76