كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 1)

المقصود الأحكام الحديثية.
فإن قلنا: إنَّ الرسل - عليهم السلام - لا يجتهدون في الأحكام، فالكلامُ على حقيقته وظاهره.
وإن قلنا: إنهم عليهم السلام يجتهدون، فالأحكامُ منزلة بواسطة إنزال ما يقتضي الحكم بالاجتهاد (¬1)، كما ذكر عبد الله بن مسعود: أنّ لعنه الواصلة والمستوصلة في كتاب الله تعالى، فلما أُنكِر ذلك أحال على قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] مع لعنةِ الرسول عليه السلام الواصلة والمستوصلة (¬2)، فجعل ذلك في الكتاب بواسطة الأمر بأخذ ما آتاه الرسول.
وقوله: "ومفصل الحلال والحرام": اختار لفظ التنزيلِ للأحكام، والتفصيلِ لتمييز الحلال من الحرام، لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ} [النساء: 105] ولقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119].
¬__________
(¬1) الجمهور على جواز الاجتهاد لنبينا - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء، وهو المختار كما قال ابن الحاجب والآمدي وغيرهما. انظر: "الأحكام" للآمدي (4/ 172)، و"الإبهاج في شرح المنهاج" للسبكي (3/ 246).
(¬2) رواه البخاري (4604)، كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] ومسلم (2125)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، وليس عندهما ذكر "الواصلة والمستوصلة" في الحديث. نعم رواه البخاري (4605)، كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] وفيه ذكر "الواصلة" فقط.

الصفحة 13