كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 1)

هذا الحديث فائدةٌ أُخرَى إنْ شاء الله تعالَى، ويُستَدَلُّ علَى أنَّهُ اسمٌ للماء، بما جاء في الحديثِ مِنْ وضعِ الوَضوء للغُسل لا للوُضوء، وفيهِ احتمالٌ، والله أعلم.

الرابعة: أصغَى: أمال، مُعدَّى بالهمزةِ من (صَغَى) إذا مال، والصَّغْو: الميل، يُقَال: صَغَت النجومُ والشمس صَغْواً: مالت للغروب، ويُقَال: صَغَيْتُ (¬1) الإناء وأصغَيتُهُ، وأصغيتُ إلَى فلان: مِلْتُ بسمعي نحوه (¬2)، قالَ الله تعالَى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ
¬__________
= في قوله: "فصب علي من وضوئه" دليل على طهارة الماء المستعمل؛ لأنه يصير التقدير: فصب عليَّ من مائه، ولا يلزم أن يكون ماؤه هو الذي استُعمل في أعضائه؛ لأنا نتكلم على أن "الوضوء" اسم لمطلق الماء، وإذا لم يلزم ذلك: جاز أن يكون المراد بوضوئه: فضلة مائه الذي توضأ ببعضه، لا ما استعمله في أعضائه، فلا يبقى فيه دليل من جهة اللفظ على ما ذكر من طهارة الماء المستعمل.
وإن جعلنا "الوَضوء" - بالفتح -: الماء مقيداً بالإضافة على الوُضوء - بالضم -، أعني: استعماله في الأعضاء، أو إعداده لذلك، فهاهنا يمكن أن يقال: فيه دليل؛ لأن "وَضوءه" - بالفتح - متردد بين مائه المُعدِّ للوُضوء - بالضم -، وبين مائه المستعمل في الوضوء، وحمله على الثاني أولى؛ لأنه الحقيقة، أو الأقرب إلى الحقيقة، واستعماله بمعنى المُعد مجاز، والحمل على الحقيقة أو الأقرب إلى الحقيقة أولى، انتهى.
(¬1) قال شَمِرٌ: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ وصَغِيتُ، وأكَثرهُ صَغَيْت. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (14/ 461).
(¬2) "ت": "له" بدل "نحوه".

الصفحة 489