كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 1)

ولمْ تَغِبْ، ففي تنجيسه (¬1) وجهان للشافعية والحنبلية رحمهم الله تعالَى، ويُستدَلّ للعفو بالتعليلِ المذكور في الحديثِ، وكذلك إنْ غابَتْ، [ثمَّ] (¬2) وردت، ففيهِ خلافٌ دونَ الأول في الرتبةِ، علَى نزاعِ يقعُ في هذه الرتبة، فإنَّ الهِرَّةَ عندَ الغَيبةِ لا تَكْرَعُ في الماءِ، بل تجذِبُهُ بلسانها، فلا يطهر (¬3).

السابعة عشرة: ألحقَ الحنابلةُ بالسِّنورِ ما دونَهُ في الخِلْقةِ كالفأرِ وابن عُرسٍ، قَالَ الخِرَقيّ منهم: ولا يُتَوَضَّأُ بسؤرِ كل بهيمةٍ لا يُؤكَلُ لحمُها، إلا السنور، وما دونها في الخلقةِ (¬4).
واعتبارُ الخلقةِ ها هُنا أجنبيّ عن مقتضَى التعليل بالطَّوفِ، وإنَّما المُعتبرُ العلةُ المذكورة، فحيثُ وُجِدَت ثبتَ الحكمُ.

الثامنة عشرة: قد يستدِلُّ به مَن يرَى أن أَسْآرَ السِّباع الَّتِي تشارك الهرَّ في استعمالِ النَّجاسَةِ ليست بطاهرة، ووجهه: أنَّ التعليلَ ها هنا بالطوافِ تعليل بالمانعِ؛ لأنَّ المشقةَ اللاحقةَ بسبب الطَّوفِ مانعة من الحكمِ بالنَّجاسَة، والتعليلُ بالمانعِ يستدعي قيامَ المُقتَضِي، فيكون
¬__________
(¬1) "ت": "تنجسه".
(¬2) زيادة من "ت".
(¬3) انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (1/ 226)، و"الفروع" لابن مفلح (1/ 221).
(¬4) انظر: "مختصر الخرقي" (ص: 15)، و"المغني" لابن قدامة (1/ 43).

الصفحة 500