كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 1)

وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في رواية: "فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسرِينَ ولمْ تُبْعَثُوا مُعَسرِينَ" (¬1) أظهرُ في التعليلِ، واحتمالُ أنْ يكونَ (¬2) مراعاةً لمصلحةِ بدنِهِ وصونًا له عن الضررِ المُحتمَلِ علَى تقدير القطع، [فهو] (¬3) معنى مناسبٌ [أيضاً] (¬4)، والحكمُ علَى وِفْقِهِ، فيكونُ عِلَّةً علَى ما قَرَّرُوهُ، وليسَ يمتنعُ أن يكونَ (¬5) جميعُ المعاني مُعتبَراً (¬6)، إمّا علَى سبيل الاستقلال، أو علَى سبيل الجُزئية؛ أعني: أن تكونَ جُزءَ عِلَّةٍ.

التاسعة: ويكونُ الحديثُ أصلًا في الرفقِ بالجاهل، واللطفِ في تعليمه، واستمالةِ قلبِهِ للحقّ.
العاشرة: فيهِ المُبادرةُ إلَى إزالةِ المفسدةِ عندَ زوال المانع من إزالتها، وذلك من قوله في الحديث: "فلمّا قَضَى بولَهُ أَمَرَ بِذَنُوبٍ"، والقواعدُ تقتضيه، فإنَ المانعَ إذا زالَ، وجبَ إعمالُ المُقتضي.
الحادية عشرة: قولُ الرّاوي: "أَمَرَ" تعبيرٌ عن أمرِه - صلى الله عليه وسلم -، لا حكايةٍ للفظِه، وهو حجةٌ علَى المُختارِ في علم الأصول؛ لأنَّ علمَهُ باللغةِ
¬__________
(¬1) رواه البخاري (217)، كتاب: الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬2) "ت": "وأما الاحتمال الأول وهو أن يكون".
(¬3) زيادة من "ت".
(¬4) سقط من "ت".
(¬5) "ت": "تكون".
(¬6) "ت": "معتبرة".

الصفحة 524