كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 1)

لاستبْحارِه، و [هو] انبساطُه وسعتُه، يقال: استبحرَ فلانٌ في العلم، وتبحَّر الراعي في رَعيٍ كثيرٍ، وتبحَّر فلانٌ في المال، أي: كَثُر ماله (¬1).
وهذه المادة قد يخفَى وجهُها في مواردِ استعمال هذه اللفظة؛ كتسمية الرجل المسلول الجسم بالبحر، وفي قولهم: بُحِرَ الرجل: إذا بُهِتَ، وقولهم: الباحُر: الأحمقُ الذي إذا تكلَّم بقي كالمبهوت، وقيل: هو الذي لا يتمالك حُمقاً، وإن كان يمكن أن يردَ على هذا الأصلِ ولا يتعذَّرَ بتأويل.

وأما الثَّاني: وهو معنى الشَّق، فإنَّ الأزهريَّ قال - بعدَ ما حكيناه عنه، في كلِّ نهر لا ينقطع ماؤه -: سُمِّيت هذه الأنهارُ بجاراً؛ لأنها مشقوقةٌ في الأرض شقًّا (¬2).
وقال أيضًا - بعدَ حكايته لكلام اللَّيث الذي قدَّمناه -: وقد قال غيره: سمي البحر بحرًا؛ لأنَّه شَقَّ في الأرض شقاً، وجَعَل الشقَّ لمائه قراراً. والبحر في كلام العرب: الشَّقُ، ومنه قيل للناقة التي تُشَقُّ (¬3) في أذنها شقاً: بَحِيرة (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (5/ 37)، (مادة: بحر). وانظر فيما نقله الأزهري عن اللَّيث: "العين" له - كما يقوله الأزهري وغيره، وهو المعتمد - أو للخليل - كما يقوله بعضهم - (3/ 219).
(¬2) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (5/ 39)، (مادة: بحر).
(¬3) في المطبوع من "تهذيب اللغة" "يشُقُّون".
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (5/ 37)، (مادة: بحر).

الصفحة 78