كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: مقدمة)
المبحث الثَّالث
* علم الإمام ابن دقيق رحمه الله:
تفرد الإمام ابن دقيق العيد في علوم كثيرة، فكان حافظاً مُكْثراً، إلا أن الرواية عَسُرت عليه لقلة تحديثه، فإنه كان شديدَ التحرِّي في ذلك (¬1)، وكان خبيراً بصناعة الحديث، وهو إمام الدنيا في فقه الحديث والاستنباط (¬2).
قال الذهبي: أربعة تعاصروا: التقي ابن دقيق العيد، والشرف الدمياطي، والتقي ابن تيمية، والجمال المزي، قال الذهبي: أعلمهم بعلل الحديث والاستنباط ابن دقيق العيد، وأعلمهم بالأنساب الدمياطي، وأحفظهم للمتون ابن تيمية، وأعلمهم بالرجال المزي (¬3).
وكان - رحمه الله - يحقق المذهبين المالكي والشافعي تحقيقاً عظيماً، وله اليد الطولى في الفروع والأصول، وفي تصانيفه من الفروع الغريبة والوجوه والأقاويل ما ليس في كثير من المبسوطات، ولا يعرفه كثيرٌ من النَّقَلة (¬4)، وكان لا يسلك المِراء في بحثه، بل يتكلم
¬__________
(¬1) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي (9/ 212).
(¬2) المرجع السابق، (9/ 244).
(¬3) نقله السيوطي في "تدريب الراوي" (2/ 405) فقال: رأيت في "تذكرة" صاحبنا الحافظ جمال الدين سبط ابن حجر، فذكره.
(¬4) انظر: "الطالع السعيد" للأدفوي (ص: 580).