كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 1)
القسم الثالث - فيمن ذكر في الكتب المذكورة من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، ولا رأوه، سواء أسلموا في حياته أم لا؛ وهؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق أهل العلم بالحديث، وإن كان بعضهم قد ذكر بعضهم في كتب معرفة الصحابة فقد أفصحوا بأنهم لم يذكروهم إلا بمقاربتهم لتلك الطبقة، لا أنهم من أهلها.
وممن أفصح بذلك ابن عَبد البَرِّ، وقبله أَبو حفص ابن شاهين، فاعتذر، عَن إخراجه ترجمة النجاشي بأنه صدق النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم في حياته وغير ذلك، ولو كان من هذا سبيله يدخل عنده في الصحابة ما احتاج إلى اعتذار.
وغلط من جزم في نقله، عَن ابن عَبد البَرِّ بأنه يقول بأنهم صحابة؛ بل مراد ابن عَبد البَرِّ بذكرهم واضح في مقدمة كتابه بنحو مما قررناه، وأحاديث هؤلاء عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم مرسلة بالاتفاق بين أهل العلم بالحديث؛ وقد صرح ابن عَبد البَرِّ نفسه بذلك في التمهيد وغيره من كتبه.
القسم الرابع - فيمن ذكر في الكتب المذكورة على سبيل الوهم والغلط؛ وبيان ذلك
البيان الظاهر الذي يعول عليه على طرائق أهل الحديث، ولم أذكر فيه إلا ما كان الوهم فيه بينا. وأما مع احتمال عدم الوهم فلا، إلا إن كان ذلك الاحتمال يغلب على الظن بطلانه.