كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 1)
وخرج بقولنا: ومات على الإسلام من لقيه مؤمنا به ثم ارتد، ومات على ردته والعياذ بالله . وقد وجد من ذلك عدد يسير ؛ كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة ؛ فإنه أسلم معها، وهاجر إلى الحبشة، فتنصر هو ومات على نصرانيته . وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة، وكربيعة بن أُمَيَّة ابن خلف على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء.
ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صَلى الله عَلَيه وسَلم مرة أخرى أم لا ؛ وهذا هو الصحيح المعتمد.
والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى بعضهم في الشق الثاني احتمالا ؛ وهو مردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة، وعلى تخريج أحاديثه في الصحاح والمسانيد ؛ وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر.
وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين ؛ كالبُخارِيّ، وشيخه أَحمد ابن حنبل، ومن تبعهما ؛ ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة: كقول من قال: لا يعد صحابيا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه ؛ وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت.
وأطلق جماعة أن من رأى النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم فهو صحابي . وهو محمول على من بلغ سن التمييز ؛ إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه . نعم يصدق أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية، ومن حيث الرواية يكون تابعيا ؛